ليست الطاقة تلك التي نتحدث عنها في كتب الفيزياء وحدها...
بل هناك طاقة خفية، تُضيء القلب وتحرّك الجسد وتشعل الروح، وحين تنطفئ، لا ينفع معها طعام ولا نوم ولا علاج.
إنك ترى الشخص أمامك حيًّا في الظاهر، لكنه كالمصباح المعطوب… موجود، لكنه لا يُنير.
وهنا نسأل:
ما الذي يسرق طاقتنا؟
وما الذي يمنحنا إيّاها؟
ما الذي يسرقك من داخلك؟
الإنسان حين يبتعد عن الله، يظن أنه حر… وهو في الحقيقة أصبح عبداً لكل ما يُثقله.
من يترك الصلاة، لا يدري أنه يُطفئ جزءًا من ذاته مع كل وقت يمر.
وسماع الموسيقى، والمجالس السطحية، والسهر الطويل، كلها مظاهر حضارية براقة، لكنها تُنهك الروح وتُفرغ الجسد من طاقته دون أن تدري.
حين تأكل ما لا يحتاجه جسدك، وتستهلك ما لا تحتاجه روحك، وتُشغل بصرك وسمعك بما لا يبني، فأنت لست فقط تضيّع الوقت، بل تسرق من رصيدك الحيوي، شيئًا فشيئًا.
من أين نُشحن؟ وأين نُرمم؟
إنك إن رجعت إلى الصلاة، رجعت إلى نبضك الأول.
وإن قرأت القرآن، لم تقرأ حروفًا، بل تشرب من معين نور لا يُرى، لكنه يُحدث أثره.
الصحبة الصالحة؟
هؤلاء ليسوا مجرد أصدقاء… هؤلاء مرايا، يُريك كلٌّ منهم انعكاسًا لأجمل ما فيك.
الامتنان؟
هو عبادة غير منطوقة… أن تشكر، أن ترضى، أن تنظر لنصف الكوب الممتلئ دون أن تنكر الفراغ.
النوم المبكر ليس مجرد عادة… بل هو ضبط لإيقاع الجسد على توقيت الخلق.
والاستيقاظ فجراً ليس مجرد لحظة سكون… بل هو موعد مع البركة.
الحركة؟ ليست رفاهية… إنها ضرورة، كي لا يصدأ الجسد.
والتعرض للطبيعة؟
تذكير لك بأنك جزء من هذا النظام، وأن شحنك قد لا يكون في شاحن كهربائي، بل في لحظة صمت تحت شجرة.
الطاقة ليست سراً… بل نظام حياة
الفرق بين من تُطفئه الحياة ومن تُنيره، هو الفرق بين من يعيش على الهامش، ومن يعيش باتصال.
اتصال بالله… اتصال بالضمير… اتصال بالهدف.
وهكذا… لا يعود السؤال: لماذا أشعر بالتعب؟
بل: أين فصلت سلك الطاقة عن نفسك؟
خاتمة:
أنت مخلوق طاقي قبل أن تكون ماديًا.
وما يُغذّيك ليس الأكل فقط، بل الذكر، والنية، والنية، والنية...
فاحذر أن تسرقك الحياة، دون أن تعطيك ما يساوي روحك.