Blogs » Other » تكلّم بحذر… فالقدر يُصغي!

تكلّم بحذر… فالقدر يُصغي!

  • من منّا لا يبحث عن السعادة؟
    من منّا لا يطارد أمانيه كطفلٍ يجري خلف فراشة، يحسب أنه إذا قبض عليها… ستهبه النور والفرح والحياة؟

    كلنا نحلم،
    كلنا ننتظر شيئًا يتغيّر،
    قد يكون شفاءً، أو رزقًا، أو لقاءً، أو مخرجًا من ضيق…
    لكننا ننسى — أو نتناسى — أن ما بيننا وبين تحقق هذه الأماني كلمة،
    مجرد نطق… قد يفتح باب القدر أو يُغلقه.

    يقول الله:
     فورب السماء والأرض إنه لحقٌّ مثل ما أنكم تنطقون ﴾
    أيُّ قسم هذا؟
    إنه لا يقسم على وجوده، ولا على الجنة والنار…
    بل على حقيقةٍ لا تقلّ عظمة:
    أنك إذا نطقت، فقد قررت…
    وإذا دعوت، فقد غيّرت.

    ولذلك قال نبيك ﷺ:

    "لا يردّ القضاء إلا الدعاء."
    فالدعاء ليس رجاءً في الفراغ،
    بل هو محرّك هائل للأقدار،
    أقوى من القرارات، وأسرع من الظنون،
    وأعمق من الخوف الذي يُقنعك أن الواقع لا يتغير.

    تأمل ذاك الأعرابي…
    حين دخل عليه النبي ﷺ يعوده، قال له بلطف:
    "لا بأس، طهور إن شاء الله."
    لكن الرجل، وقد أنهكه المرض، رد بعفوية ساخطة:
    "بل حمى تفور، تورد إلى القبور!"
    فقال له النبي ﷺ:
    "فنعم إذن."
    نعم… كما نطقت، لا كما تمنيت.

    يا لهذا اللسان…
    إما أن يفتح لك أبواب الرحمة،
    وإما أن يستدعي عليك المصير!


    عقلك لا يفرّق بين الحقيقة والتكرار.
    ما تردده يتحول إلى قناعة،
    والقناعة تتحول إلى سلوك،
    والسلوك يرسم الواقع،
    ثم تقول: قُدّر لي هذا…
    وأنت لا تدري أنك الذي نطقت به أولًا.

    "قال: لن أنجح…
    فأغلقت الحياة دفترها، وقالت: كما تشاء."


    "إن الله لم يُعطك الدعاء عبثًا،
    بل أعطاك به مفاتيح الغيب… فأحسن استعمالها."

    فدعني أسألك من جديد…
    هل تريد أن تغيّر قدرك؟
    ابدأ بتغيير نُطقك…
    قل: سأقوم، سأُشفى، سأصل،
    قلها بقلبٍ يعرف أن الله سميع،
    وأن الدعاء ليس صوتًا فقط… بل مفاوضة مع القدر.

0 comments