"إن القرآن العظيم ليس كتاب تلاوة فحسب، ولا كتاب حفظ تُعدّ فيه الآيات عددًا... إنه نورٌ، إنه بناء، إنه سر الحياة الكامل!
فحين يحفظ المرء مفرداته وآياته، لا يُدخل في صدره كلماتٍ جامدة، بل يبني داخله عالماً من النور، عالماً تتشابك فيه المعاني، فتتشكل خلايا العقل على هيئة نور، ويتسع الفهم حتى يغدو القلب أكبر من الأرض وأرحب من السماء.
كل آية يحفظها الإنسان، هي شعاع إضافي في بنيان عقله... كل جملة قرآنية تترسخ، تزيد شبكة الفهم عمقاً، وتفتح للوعي نوافذ من الإدراك لا تنغلق أبداً.
وحين يترنم القلب بكلام الله... لا تبقى النفس حائرة متصدعة، بل تصفو كالماء العذب، وتطمئن كالغرس تحت المطر، وتهفو إلى الخير هُتاف العاشق المتيم.
لقد أثبت العلم - ما أثبته القرآن قبل ألف وأربعمئة عام - أن القلب إذا غُذي بالكلمة الطيبة، نما وأزهَر، وأن العقل إذا رُوي بالحقائق العليا، ارتفع وتسامى.
فالقرآن هو سر القوة، وسر الذكاء، وسر الفهم، وسر النفس المطمئنة الراضية...
ومن لم يفتح قلبه لهذا النور، عاش عمره محروماً مهما غمرته أضواء الأرض.